حسينية ومضيف ابو الفضل العباس (الخادم محسن
الخفاجي ) أنموذجا
بقلم / مجاهد منعثر الخفاجي
طوال عشر سنوات أتردد الى حسينية في مزارع أم
عنيج على الخط السريع ( البصرة ـ ذي قار) .وكنت أنزل لها مرة ظهراً وتارة ليلاً وكلما مررت بها لآني أشعر
بروحانية وراحة نفسية عجيبة .
أن بناء
هذا المضيف والحسينية في منطقة صحراوية تكاد تكون منقطعة تماماً عن مقومات العيش مع
الشعور والاحساس اثناء الصلاة فيها يدل على ان من بناها مخلص في نيته ,لكني لا
أعرف ذلك الشخص , ولا حكاية بنائها , وبنفس الوقت كلما نزلت اليها وجدت الناس
المارة فيها ,وجوههم تتلألآ انوارا من الايمان .
ويوم الجمعة المصادف 9|3|2018 كنت عائد من
الطبيب في محافظة البصرة واتفقنا انا
وصديقي ابو احمد حافظ كاظم محسن الخفاجي ان نصلي صلاة الظهر في تلك الحسينية . وبعد
الصلاة أخرجت الكاميرا لكي أصور هذا المكان الطاهر وأكتب عنه لعل غيري ممن صلى فيه
يحس ويشعر بنفس الاحساس , فوقع نظري على باب الدخول الذي بجانبيه صور أشقاء شهداء
يحملون لقب الخفاجي. وهما الشهيد عبد
الباسط كريم الخفاجي تاريخ استشهاده 1|7|2017 والشهيد جعفر كريم الخفاجي استشهد بتاريخ 16|8|2017 و
الفرق بين شهادتهم خمسة وأربعون يوما , فتيقنت من أخلاص تلك العائلة الخفاجية لله
عزوجل بلحاظ وجود هؤلاء الضحايا ,وذهبت
الى الولد الصغير الذي هو ابن خادم الحسينية أبو يوسف الذي يسقي المصلين الشاي
مجاناً , فبادرت بسؤاله : هل أنتم من
قبيلة خفاجة ؟
ـ أجاب : نعم . وأردفت سؤالي الثاني : أين
والدك ؟ فأشار بيده قائلا ذاك هو .
ذهبت اليه وبعد السلام تعرفنا على بعضنا وعندما
وجهت اليه السؤال : من هؤلاء الشهداء ؟ تساقطت دموعه وهو يقول انا محسن كريم معارج
الخفاجي وهؤلاء اشقائي الشهيد عبد الباسط ترك خلفه سبعة ابناء واستشهد في الموصل ,
ولحقه شقيقي جعفر الذي زار زيارة الاربعينية والتحق بجرف الصخر مع الحشد الشعبي
وجلبوا لي جثته الطاهرة بعد ثلاثة ايام ..وأردف كلنا فداء للوطن والمقدسات فأبني ايضا في الحشد الشعبي ويدعو ويطلب مني ان
ادعو له بالشهادة .
نظرت اليه وهنئته بهذا الاخلاص والنية
السليمة ,ثم غيرت السؤال عن بناء الحسينية , فقلت :متى بدأ تأسيسها ؟ فقال عام
2007 م .و كانت مجرد مغاسل وغرفة لخدمة المارة على الخط السريع فجاء رجل (ماشيا على الاقدام ) من زوار الامام الحسين
(ع) وهو من محافظة البصرة منطقة الاصمعي
كنت اريد الذهاب للزبير لأمر ما فقدمت له ما تيسر وقلت له سأذهب وأعود المغرب وانت
خذ راحتك , فقال انتظرك !
وعندما وصلت وقضية حاجتي ذهبت للمطعم وجلبت
له نفر كباب للعشاء , ودخلت عليه فرأيته وبين يديه ما لذ وطاب من الطعام ,
فاستغربت وسئلته من اين جاءك هذا الخير ؟
قال : من الناس وادخرت لك نفر كباب , فضحكت .
نظري الي وهو يتبسم : ما يضحكك ؟ قلت انا
كذلك جلبت لك .
وبعد العشاء اقترح تطوير هذا المكان وبناءه
بدعم منه شخصيا , وفعلا بدأ العمل انا واخوتي الشهداء واهل الخير وكنا قد خصصنا
مسافة ستة امتر للبناء , لكن والدي قال :
كلا اريد 12 متر مصلى للرجال ومثلها للنساء على عدد الائمة المعصومين (عليهم
السلام) . والحمد لله كما ترى .
فألف تحية الى الاخ المؤمن خادم اهل البيت
(ع) والوطن محسن الخفاجي ابو يوسف من عشيرة السالم ... وقبيلة خفاجة تفخر بهكذا
رجل وفقه الله تعالى وسدد خطاه .